نعيش اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان الكريم وكلام الحبيب وحديث عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأماراتها، حديث جامع ينير لنا طريق الرشاد.
عن عمر رضى الله عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه ووضع كفيه على فخديه وقال يا محمد أخبرنى عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن إستطعت إليه سبيلا، قال صدقت، فعجبنا له يسأله ثم يصدقه قال فأخبرنى عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال صدقت ، قال فأخبرنى عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال فأخبرنى عن الساعة، قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، قال فأخبرنى عن أماراتها، قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاه يتطاولون فى البنيان، ثم إنطلق فلبث مليا، ثم قال: ياعمر أتدرى من السائل؟ قلت الله ورسوله أعلم قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم .رواه مسلم.
قول جبريل عليه السلام أخبرنى عن الإيمان، الإيمان فى اللغة هو مطلق التصديق، وفى الشرع عن تصديق خاص، وهو التصديق بالله وملائكه وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره وأما الإسلام فهو عبارة عن فعل الواجبات وهو الإنقياد إلى عمل الظاهر.
وفى القرآن ما يميز بين الإسلام والإيمان قال الله تعالى (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ) الحجرات:14
ذلك أن المنافقين كانوا يصلون ويصومون ويتصدقون وبقلوبهم ينكرون ، فلما ادعوا الإيمان كذبهم الله تعالى فى دعواهم الإيمان لإنكارهم بالقلوب، وصدقهم فى دعوى الإسلام لتعاطيهم إياه، وقال الله تعالى (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) المنافقون :1
معنى الآية إنهم كاذبون فى دعواهم الشهادة بالرسالة مع مخالفة قلوبهم، لأن ألسنتهم لم تواطئ قلوبهم وشرط الشهادة أن يواطئ اللسان القلب.
وقوله صلى الله عليه وسلم: وتؤمن بالقدر خيره وشره معناه أن الله قدر الأشياء فى القدم، وعلم سبحانه وتعالى أنها ستقع فى أوقات معلومة عنده والمقادير أربعة أنواع:
- الأول تقدير فى علم الله ، قال الله تعالى (يؤفك عنه من أفك) الذاريات :8، أي يصرف عن سماع القرآن وعن الإيمان به فى الدنيا من صرف عنه فى القدم .
- الثانى التقدير فى اللوح المحفوظ وهو تقدير يمكن أن يتغير قال الله تعالى (يمحو الله مايشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) الرعد:39 ، وعن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أنه كان يقول فى دعائة (اللهم إن كنت كتبتنى شقيا فامحنى واكتبنى سعيدا) .
- الثالث التقدير فى الرحم، وذلك أن الملك يكتب رزقه وأجله وشقى أم سعيد .
- والرابع سوق المقادير إلى المواقيت والله تعالى خلق الخير والشر وقدر مجيئه إلى العبد فى أوقات معلومات ، وفى الحديث (إن الدعاء والبلاء بين السماء والأرض يقتتلان ويدفع الدعاء البلاء قبل أن ينزل) .
نواصل غدا إن شاء الله استكمال الحديث الذى يتضمن على معانى كثيرة.
--------------------------
بقلم: نجوى طنطاوي
حلقات " مع الحبيب والأربعين النووية "